نقش على صورة

العرافة!! -للكاتب مفلح العدوان
العرافة!!

العرافة!!

“العرافه”

تخرج من كهف الماضي..

تقف بكامل هيئتها؛ غليونها الطويل، وحليها الفضية، وسواد ثوبها، وتلك الدماء التي تكاد تنفر من عروقها، مع نظرة تتحدى، وسمرة تتبدى خليطا من طينة الأرض، وحمأة الشمس!!

***

تلك المرأة: أية ذاكرة وتاريخ وسيرة تركت بعد ذاك الزمن الذي مضى؟

وهل حفيداتها الآن، منذ رحلة تلك السنوات، يعرفن شيئا عما كان عليه واقع حياة الجدات آنذاك؟

***

تقف.. وكأنها تتهيأ لحدث قادم، ومن ورائها رجل جالس يمج على غليونه، وينتظر مثلها، خبرا حائرا.. وفي الكهف فخارة فارغة، وأثاث لا يذكر.. في الكهف أسطورة الباقين هناك، وحكاية تكبر!!

تقف.. وسط هذا الفراغ البدائي، الفطري، غير أنها من سلالة العرافات اللائي لا يتكلمن كثيرا، وإن نطقن، فحديثهن غريب، عجيب، ونظرتهن توحي أكثر من أي كلام!!

***

 تلك العرافة، الجدة.. وقفت كثيرا.. وبقيت تشعل تبغ غليونها، وتفكر في الأحفاد الذي لن يتذكرونها، لكنها، رغم ذلك، تخاف عليهم، وتدعو لهم بأن يكون وقع المصائب أخف على رؤوسهم في الزمن القادم.. زماننا هذا.. تلك العرافة، نظرتها، توحي بأكثر من هذا.. تلك العرافة!!