السقّا عاد!!
“قُلْ للزمان.. ارجع يا زمان”!!
لقطة مهملة في البوم صور عتيق.. المكان: ساحة في القدس.. الزمان: قبل فيض من السنين.
***
بالأبيض والأسود، توثّقت تلك الملامح؛ الواقفون يتشاورون على تجارة أو زيارة، أما الجالسون على كراسي الخشب والقصب، فقد هدّهم التعب، ورقدوا على لهاثهم، يتحدثون أو يتأملون، بينما صاحب الكرسي الفارغ، هو الذي عقد النية على تخليد اللحظة، وانسحب قليلا، والتقط الصورة التي بقيت تنتظر من يتأملها، ويحدّق فيها، بعد عشرات السنين، ثم ينفث أمانيه، ويغني وَجْدَه بصمت: “قل للزمان.. ارجع يا زمان”.
***
والصورة أبلغ في صمتها.. هي التي تشي بما لا تجرؤ على ترجمته الكلمات، كأن تقول بأن الناس، في ذاك الحين، كانوا متعايشين، رغم قلة الحيلة، أو أن الرجال، كانوا على تباين ملابسهم، وملامحهم، ملتزمون بعقد يحترم حُرمة المكان، وحقّ الأخوّة، وميثاق الألفة المقدّس، ليس فقط بين بني البشر، بل حتى الحجر، له في هذا الوفاق نصيب.. كل هذا تنبىء به الصورة، فيا الله، كم تغير الحال، وكم تراجع العالم عن أبسط المباديء، فصار لا يرقى الى نُبل المعاني المُوثّقة بالأبيض والأسود، وتآمر المتآمرون، على القدس، بعد أن تحوّل (الشرق، والغرب) الى مِسخٍ رقمي، وكيان كاريكاتوري، ومزيج ألوان فقدت حقيقتها.. عالم عجيب.. الانسان فيه، هامشي، منبوذ، غريب.. “واوحشة الغريب”!!